بين الفينة والأخرى
نسمع عن بعض المنتجات التقنية الإسرائيلية التي تغزو الأسواق العالمية وتحقق نجاحات
كبيرة، فيبدأ المستخدم العربي باستخدامها كأي شخص آخر في العالم، حتى يكتشف البعض
هوية هذه الشركات لتخرج أصوات تدعو لمقاطعتها. على سبيل المثال برنامج زون ألارم
لحماية المعلومات والكثير من مواقع الفوركس الشهيرة وبرنامج
Fring للمحادثات والمكالمات الرخيصة وغيرها من البرامج.
في الحقيقة خيار
المقاطعة كحل للمشكلة ينم عن إدراك ووعي لما لاستخدام مثل هذه المنتجات من أثر في
دعم اقتصاد العدو الإسرائيلي وكذلك دعم تفوقه المعلوماتي. لكن للأسف المشكلة ليست
بهذه البساطة. فلو نظرنا بتمعن في الصناعات والمنتجات الإسرائيلية لوجدنا أنها
موجودة في كل شيء من حولنا تماماً كالمنتجات الأمريكية واليابانية والصينية.
خذ على سبيل المثال
أكثر ما تشتهر به إسرائيل في الناحية الصناعية الصناعات التقنية المتطورة. فالهاتف
الجوال تم تطويره لأول مرة في مختبرات موتورولا بإسرائيل. كذلك معالجات بانتيوم من
شركة أنتل تم تطويرها في مختبرات أنتل في إسرائيل. والكثير من منتجات آي بي إم
ومايكروسوفت وأبل وسيسكو كذلك تم تطوير أجزاء منها وإنتاجها في تل أبيب! ليس ذلك
فحسب، بل أن إسرائيل غزت مجال البرمجيات فأجزاء من نظام تشغيل
Windows NT تم تطويرها في إسرائيل وكذلك تطبيقات
نستخدمها بشكل يومي مثل Viber و waze من إنتاج شركات إسرائيلية.
وليست التقنية هي
المجال الوحيد التي غزته إسرائيل، فلها العديد من الإنجازات العلمية في مجال تحلية
المياه والري بالتقطير و الطاقة الشمسية والأبحاث الدوائية وأبحاث سرطان الثدي
وغيرها. ولندرك مدى غزارة الإنتاج الفكري الإسرائيلي وتأثيره على كل شيء من حولنا
يكفينا أن نعرف أن إسرائيل تنتج أكبر قدر من المقالات العلمية بالنسبة لعدد السكان
في العالم! وتسجل سنوياً براءات اختراع أكثر من ما تسجله روسيا والصين والهند
مجتمعة!
إذا ما ذا علينا فعله؟
هل علينا أن نتوقف عن استخدام الهاتف المحمول والكمبيوتر وتحلية المياه والكثير من
الأدوية والكثير من التقنيات الأخرى التي لم يتم ذكرها والعودة لأسلوب الحياة
القديم إلى ما قبل التقنية؟ أو علينا أن نقاطعها جميعاً ونفعل كما فعلت الصين
حينما بنت جدار الصين الإلكتروني العظيم الذي حجب الكثير من المواقع العالمية عن
الشعب الصيني كمحرك البحث جوجل ومواقع الشبكات الاجتماعية واستعاضت عنها بنسخة
صينية فأصبح لديهم محرك بحث بايدو الصيني وشبكات اجتماعية صينية؟ أم علينا أن
نتجاهل كل هذه الحقائق ونعيش حياتنا كما لو أننا لم نقرأ هذا المقال ولم نتعرف على
هذه المعلومات؟
الإجابة على هذا
السؤال تتداخل فيها عوامل سياسية واقتصادية خارجة عن مجال اختصاصي و اختصاص هذه
المدونة