ماهية حرب الإنترنت
ولكن ما هي هذه الحرب؟ وما هي أدواتها ونتائجها؟ وهل تحتاج إلى
رصد إمكانيات هائلة للتسلح والهجوم؟
أسئلة كثيرة حاول أن يجيبنا عليها الخبير في هذا المجال ''علي
منيمنة''، الذي كان من ضمن الطاقم اللبناني الذي تولى إدارة حملة الردّ على
الاعتداء الالكتروني الإسرائيلي على لبنان. وهو يقول: ''لحرب الانترنت خطوات عدّة،
بحيث إن الدولة المهاجمة تعمد إلى تركيز هجوم الكتروني مكثف على المواقع
الالكترونية للدولة ''الضحية''، فتنهال عليها بالرسائل الالكترونية حيناً وتحض
المستخدمين الموالين لها على ولوج هذه المواقع المستهدفة من مختلف أنحاء العالم
بتوقيت متناسق للتسبب بشلها وتعطيلها حيناً آخر، إضافة إلى تجنيد طاقم خاص للتسلل
إلى برامج هذه الأجهزة والمواقع بما يسمّى بالقرصنة ''HacKing''
لتغيير محتواها أو تخريبها أو بث فيروسات فيها. وهو أمر
من الصعب جداً وضع حدّ له أومواجهته؛ لأن الجهة المسؤولة ومواقع المستخدمين يصعب
تحديدها بدقة''.
ويضيف منيمنة: ''إلى جانب أجهزة إدارة الكمبيوتر المركزية (Server) التي
تتعرض للهجوم، هناك المواقع الالكترونية الرسمية كمواقع البرلمان والوزارات
والإدارات العامة، فضلاً عن مواقع المصارف ومؤسسات الهواتف الخلوية والمدارس
والمستشفيات.. وبذلك الهجوم المباغت يتم تطويق معظم مرافق البلد الممكننة لشلها
تماماً. وهو أمر يؤدي إلى خسائر فادحة وتعطيل تام في المؤسسات''.
هجوم مفاجىء
المثير في حرب الانترنت أن الجهتين المستهدفة والمهاجمة قد لا
تملكان أدنى معلومات عما تمتلكه الجهة الأخرى من أسلحة أو دفاعات إلكترونية سواء
أكانت قوية أم ضعيفة، ذلك أن الهجوم يتم في إطار مفاجئ للجهتين. وبذلك تتميز هذه
الحرب عن بقية الحروب الأخرى، إذ إن الأدوات الإلكترونية والخدع التقنية فيها تبقى
مفاجئة وغير معلومة على عكس الحروب التي تستخدم فيها الصواريخ والقذائف، أوالحروب
الاقتصادية التي تظهر أدواتها للعلن كالحصار والمقاطعة ووقف الاستيراد والتصدير،
أوالحرب النفسية التي تستخدم فيها الوسائل الإعلامية كافة.
وحسبما يشير المراقبون فإن حرب الانترنت قد تترافق مع إحدى
الحروب الأخرى المذكورة آنفاً، كأن يتم شنّ هجومين الكتروني وحربي في آن معاً،
لإنزال أكبر قدر ممكن من الخسائر بالدولة المستهدفة.
ردّ مماثل
وإزاء الهجوم الذي تعرض له لبنان في العام 1999 من قِبَل
إسرائيل - التي كانت أول من بدأته عالمياً - تم تجنيد طاقم خاص للردّ باتباع الطرق
والوسائل عينها، بحيث تعرضت أجهزة إدارة الكمبيوتر والمواقع الإسرائيلية لقصف
إلكتروني مماثل، ما حملها على وضع أرقام ''شيفرة'' سرّية خاصة لعدد من المواقع أو حتى
إغلاقها ومنع الدخول إليها من خارج إسرائيل خوفاً من أي ردّ آخر، وبالتالي، فقد
تعرضت لخسائر مماثلة وشبيهة، ولم تنجح إسرائيل في تسجيل أي نقاط على المقاومين
إلكترونيا في لبنان. ولكن ذلك لا يمنع من أنها قد تستخدم هذا النوع من الحروب في
أي وقت إذا قررت الاستغناء عن الحسم العسكري والاتجاه إلى الحسم ''الالكتروني''.لعل أبرز مثال حالي
لحرب الانترنت، هو الهجوم الذي تتعرض له استونيا اليوم على خلفية انها أزاحت
تمثالاً برونزياً من مدينة ''تالين'' يرمز للحقبة السوفيتية، الأمر الذي أشعل
الاشتباكات بين الاستونيين وذوي الأصول الروسية الذين يشكلون ثلث عدد سكان البلاد،
فأصبحت استونيا ضحية عدوان الكتروني شلّ حركتها، لأنه طاول مواقعها الالكترونية
الرسمية والخاصة كالإدارات العامة والوزارات والمدارس والمستشفيات والمصارف الخ...
وهو أمر أدى إلى تكبد القطاعين العام والخاص في استونيا خسائر كبرى، خصوصاً أن
تالين كانت في صدارة العواصم التي عمدت إلى المكننة الالكترونية في كامل مرافقها
ومؤسساتها حتى أن الانتخابات فيها تتم بواسطة الإنترنت
No comments:
Post a Comment